إذا كنتِ تُديرين الشؤون المالية لزوجكِ أثناء تلقيه العلاج من إدمان القمار، فيجب أن تكوني جاهزة للوقت الذي سوف يُنهي زوجكِ فيه العلاج ويكون مُستعدًا لأخذ زمام حياته مُجددًا وإدارة أمواله بنفسه. وقد يُخفي عنكِ بياناته المالية ومصروفاته الشخصية ولكن هذا لا يعني أنه قد انتكس وعاد مُجددًا إلى المُقامرة بل أنه يُريد – ببساطة – الإحتفاظ ببعضٍ من الخصوصية كأي إنسان حر ويُريد كذلك أن لا يتم مُعاملته على أنه مريض نفسي.
لكن المشكلة الكُبرى هو أنكِ قد لا تكوني على علم إذا كان زوجكِ قد أنهى علاجه بالفعل أم لا، وهل حان الوقت المناسب لإعادة كل شيء كما كان؟! الكثير من الزوجات لا يكنْ على استعداد لتقديم المزيد من التضحيات إذا عاد أزواجهن مرة أخرى إلى المُقامرة الإدمانية. لذلك من المُهم وضع خطة مع المُعالِج المُختص لكي يشعر كلاكما بالراحة، وإذا خالَف زوجكِ هذه الخطة فبإمكانكِ أن تُذكريه بها أو أن تتحدثي مع المُعالِج بهذا الشأن. فعندما تجعلين الأمور واضحة قدر الإمكان فإنكِ سوف تتمكنين من تقديم الدعم اللازم لزوجكِ دون التفريط بأي من مُكتسبات مراحل العلاج السابقة وبلا أن يبدو دعمكِ له وكأنه تدخل في شؤونه الشخصية.
في هذا المقال سنطرح عليكِ بعض الأفكار لمساعدتكِ أنتِ وزوجكِ على الاستعداد للوقت الذي سيبدأ فيه بإدارة أمواله مرة أخرى:
الوقت المناسب لإنهاء برنامج العلاج
تبدأ رحلة العلاج عندما يشعر زوجكِ بالمسؤولية تجاه أمواله وتجاهكِ وتجاه أسرته، وتنتهي هذه الرحلة حينما يتعمق هذا الشعور ويترسخ في ضميره بحيث يمنعه عن إهدار أمواله مرة أخرى في المُقامرة الإدمانية، وان يُنفق هذه الأموال في مصارفها الصحيحة. وإذا كان زوجكِ يشعر بالمسئولية بالفعل ولديه شعور حاد بالندم على الأموال التي خسرها من قبل فإنه بالتأكيد سيكون على الطريق الصحيح!
أما إذا كان يشعر بضرورة مُعاودة اللعب لاستعادة خسائره مرة أخرى فيجب عليكِ أن تُعيدي إليه الشعور بالمسؤولية حتى يتمكن من التحكم في إنفاقه دون المخاطرة مرة أخرى، فرحلة العلاج لم تكن سهلة وسريعة بل استغرقت منكما الكثير من الوقت والمجهود، وإذا عاد مرة أخرى إلى نشاطه الإدماني فقد تخسرا المزيد من الفرص والأموال. وإذا لم تُؤتي جهودكِ ثمارًا فيُمكنكِ أن تطلبي من المُعالِج إطالة وتكثيف برنامج الدعم الذي يتلقاه زوجكِ. فلا بأس في اتخاذ خطوة إلى الأمام وخطوتين إلى الوراء ما دُمتما في النهاية تُحققان تقدمًا وإن كان بسيطًا.
بمرور الوقت، ومع الإلتزام ببرنامج العلاج المُقرر والإنخراط في الأنشطة الأخرى فإنك ستُدركين بأن زوجكِ قد توقف عن المقامرة تمامًا، وأنه حتى لا يحتاج إلى مُمارستها خلسة أو سرًا، وحسابه البنكي يزداد ولا يتناقص، وبالتالي فسيكون مستعدًا وقادرًا على إدارة أمواله الخاصة قبل الجدول الزمني الذي تم وضعه مُسبقًا.
بينما إذا لم تكوني واثقة من مدى استعداد زوجكِ لإنهاء برنامج الرعاية وبداية إدارة موارده المالية بنفسه، فيُمكنكِ أن تُجري معه مُحادثة حول هذا الأمر بشكلٍ ودي، ويجب عليكِ أن تتجنبي تمامًا صيغ الأمر والنهي الحازمة؛ فهذه الصيغ لن تُفيدكِ وفي أغلب الأحيان فإنها سوف تُثير حفيظة زوجكِ! فلا أحد يُريد أن يوضع في موقف المُدان دون أن يُدافِع عن نفسه! وإليكِ بعض النصائح التي سوف تُساعدكِ في إدارة مثل هذه المُناقشات بفاعلية ونجاح:
1. اختاري اللحظة المناسبة
إنها فكرة جيدة أن تطرحي على زوجكِ هذا الموضوع في الوقت الذي يشعر فيه بالهدوء مثل سهرة اجازة نهاية الأسبوع أو بعد العشاء العائلي. وإذا كانت لكما جلسة أسبوعية أو شهرية تتحدثان فيها حول هذا الأمر فمن الجيد أن تتحدثي معه خلالها. تذكري دائمًا أن لا تتحدثي مع زوجكِ في هذا الأمر في كل مرة تلقيه فهذا الأمر قد يكون مُزعجًا ومُؤذيًا له.
2. حددي المُشكلة بوضوح
لو كُنتِ تعتقدين أن زوجكِ أصبح مُستعدًا لإدارة أمواله فقومي بإعداد قائمة بالأسباب المنطقية التي تحفظ لكِ دور الرقابة على أمواله وحساباته البنكية لتقديم المُساعدة السريعة له إذا حدثت له انتكاسة.
أما إذا كان زوجكِ يرغب في استعادة زمام حياته مُجددًا وأنتِ غير مُتاكدّة من فاعلية قراره فاطلبي منه شرح موقفه بالتفصيل، وفي هذه الحالة حاولي أن لا تتفاعلي على الإطلاق؛ أي لا تُبدين أي موافقة أو اعتراض، وابقي ملامح وجهكِ ثابتة حتى تستمعي بهدوء إلى إجاباته وتتمكني من تقييم حججه بمنطقية.
3. ناقشي معه إمكانية إجراء تجربة
إذا لم تكوني متأكدة تمامًا من مدى حزم القرارات التي اتخذها، فيُمكنكِ أن تعرضي على زوجكِ وضع “فترة تجريبية” يُمكنه فيها إجراء مُحاولة لإدارة شؤونه المالية لفترة محددة وإذا أثبت نجاحه ومسئوليته فيُمكنكِ أن تُعطيه الفرصة لإدارة حياته مُجددًا دون رقابة مُباشرة منكِ.
4. هل يواجه زوجكِ مشاكل أخرى؟
في حالة إذا كان لدى زوجكِ مشاكل عائلية، أو مشاكل في العمل، أو أي مشاكل أخرى فقد لا يجد سبيلًا للترويح عن نفسه سوى العودة إلى المُقامرة مرة أخرى. لذا يجب أن تُتابعي عن كثب كيف يُدير علاقاته بأقاربه وعائلته، وما مدى كفاءته في عمله، وإذا واجه أي مشكلة فاعرضي عليه سُبُل الترفيه الصحيّة مثل السفر، أو الرياضة، أو الخروج لتناول العشاء في الخارج.
5. ذكريه بأنك مازلتٍ بجانبه لمُساعدته
ابدأي الحديث بطرح الإيجابيات التي حققها واشرحي له نقاط تقدمه والإنجازات التي وصل إليها حتى الآن، وبعد ذلك اخبريه بالتحديات التي من المُرجح لكما أن تواجهاها في المرحلة المُقبلة وأن لديكِ مخاوف من انتكاسته مرة أخرى، ذكريه دائمًا بأنكِ موجودة لأجله وأنكِ لم تتركيه حينما احتاج إليكِ، وهو – في المُقابل – لابد أن يأخذ علاقتكما على محمل الجد ولا يُعرضها للمزيد من المحن، حاولي أن تتحدثي بأسلوب ودي إلى أقصى درجة وأن يكون كلامك من مُنطلق “الخوف” وليس من منطلق “الأمر والنهي”.
الخلاصة
حاولي دائمًا أن تضعي إطارًا إيجابيًا لأحاديثكِ مع زوجكِ ومتابعتكِ لحالته، وإذا حدث أي تأخر في برنامج العلاج فلا بأس! قدمي له المزيد من الدعم بمُساعدة المُعالِج المُختص، وكوني مستعدة لمواجهة توتر زوجكِ حيث أن تفكيره في خسائره السابقة وعدم قدرته على إدارة أمواله في الوقت الحالي هو أمر قد يُثير لديه مشاعر غير مريحة، ولكن من المهم أن تتفهمي أن هذه المشاعر طبيعية وهي في طريقها إلى التحسن.