يُعتبر الإدمان ظاهرة سلوكية تُهدد جميع المجتمعات. حيث يُقبل الأشخاص على الإدمان بكافة أنواعه وذلك لأسباب مُتعددة. يُعتبر السبب الأرجح لإدمان القمار هو الرغبة في جني الأموال في لمحة عين. على الرغم من أن ألعاب القمار تعتمد بشكل أساسي على الحظ، إلا أن الجميع لا يفهم على الإطلاق أن الحظ لا يستطيع أن يكون في جانبك طوال الوقت، لذلك لا يُمكن الاعتماد على ألعاب القمار لجني الأموال بصورة مستمرة. من المُمكن أن يربح الشخص من ألعاب القمار مرة أو أثنين أو حتى مئة مرة، ولكن لا يُمكن أن تكون هذه هي العادة الطبيعية لألعاب القمار. يبقى الحظ هو الحظ عزيزي، خداع ومُتقلب.
ولكن، يقع الأشخاص في هوة الإدمان عادةً عندما يذوقون طعم الانتصار على الخصم وأخذ أموال كثيرة ومُضاعفة في غمضة عين. مع كثرة هذا الشعور، يجد اللاعب نفسه يتدحرج تلقائياً إلى هوة إدمان ألعاب القمار. وهُنا، يبقى السؤال الرئيسي، هل يكون المُدمن على دراية بأنه مُصاب بإدمان ألعاب القمار؟ أم أن هذه الحقيقة تبقى مخفية عنه إلى أن يقع في مصائب كُبرى؟ تعال معنا لنكتشف سوياً كيف يُمكنك أن تكتشف ما إذا كُنت تعاني من إدمان ألعاب القمار وكيف يُمكنك مساعدة نفسك في هذه الحالة وحماية نفسك إذا كُنت لازالت على بر الأمان.
نبذة عن القمار
لكي نعرف جيداً ما هو إدمان القمار، يجب علينا أولاً أن نعرف ما هو القمار. يُعتبر القمار هو المجال الذي ينطوي على ألعاب الحظ والياناصيب. تعتمد هذه الألعاب بشكل كبير على الحظ ولا تعتمد على الإطلاق على الاستراتيجيات المنطقية في الربح والانتصار. فألعاب القمار هي المُخالف الفعلي للعبة الشطرنج على سبيل المثال. تتطلب لعبة الشطرنج أن يُقوم الشخص بوضع خطة أولى وخطة بديلة لمُهاجمة الخصم والقضاء عليه وقد تبقى جولة الشطرنج لساعات متواصلة. ولكن، ألعاب القمار هي ألعاب مُختلفة تماماً فهي تعتمد على الحظ. يقوم فيها اللاعبين بتحديد مُبلغ مُعين للرهان عليه، على أن يكون الرابح هو الأكثر حظاً وليس الأكثر ذكاءً. تنقسم ألعاب القمار إلى ثلاث أقسام. يتمثل القسم الأول في ألعاب الورق أو الزهر. بينما يتمثل القسم الثاني في المراهنات الرياضية المنتشرة عبر الكازينوهات الإلكترونية في الوقت الراهن. بينما يتمثل القسم الأخير في ألعاب الطاولات والتي تضم عدد كبير نسبياً من اللاعبين مثل ألعاب الروليت الفرنسية والبوكر الشهيرة وغيرها. تُعتبر هذه الألعاب جميعاً ألعاب حظ مُطلق حيث لا يُمكنك أن تضمن فوزك على الإطلاق، كما لا يُمكنك أيضاً أن تضمن خسارتك أبداً. يكمن مصيرك في الجولة في يد الحظ فقط.
لماذا إدمان القمار؟
قد تتساءل عزيزي القارئ، إذا كانت ألعاب القمار تعتمد على الحظ فقط فهي على الأرجح ألعاب غير مضمونة على الإطلاق، إذاً لماذا يُقبل عليها هذا القدر الهائل من اللاعبين؟ وفي الحقيقة أن هذا التساؤل قد قام الكثير من عُلماء السلوك الإنساني بدراسته وتحليله. توصلت جميع الدراسات العلمية والسلوكية تقريباً إلى نفس النتيجة. تتمثل النتيجة في حالة عدم المعرفة الكبيرة التي تحول حول ألعاب القمار. حيث تعتبر المخاطرة الكبيرة التي يقوم بها المراهنون على تلك الألعاب أحد أهم الأسباب التي تشجع اللاعبين على الإقبال على ألعاب القمار. تولد حالة عدم المعرفة الشعور بالحماسة وتدفق الأدرينالين داخل الجسم مما يولد الشعور بالسعادة المفرطة والرغبة في سباق الزمن حتى تعلم النتيجة. هذه الحالة الوقتية هي الحالة التي يُدمنها المدمن إلى جانب بالطبع إدمانه ورغبته الشديدة في الحصول على الأموال بشكل سريع. وهُنا نأتي للنقطة الثانية وهي الرغبة في الحصول على الأموال. حيث يُعتبر المال إله قهري وقوي إذا ما تحكم فيك، صرت عبداً له بالكامل. إذا تغلغل حُب المال في داخلك، تولد شعور الكراهية إلى أي شيء آخر لا يولد لك مالاً. وهل يأتي مال أسرع من المال الذي يأتي من ألعاب القمار؟ بالطبع لا!
وهُنا ينسى المُدمن تماماً إن ما يأتي سريعاً، يذهب سريعاً وإن ما لا يُتعَب فيه، لا يبقى طويلاً. لذلك، يستمر المدمن في السعي المستمر وراء جني الأموال عن طريق القمار نظراً لأنه الطريق الأسهل والأسرع من وجهة نظره.
بوصلتك الداخلية
تؤمن الدراسات السلوكية بأن كُل شخص في العالم يولد ببوصلة داخلية، تقوم هذه البوصلة بتوجيهه على النحو السليم والصحيح. يعلم المُدمن بإدمانه ولكن ليس في الفترة الأولى. حيث ينبهر اللاعب بالحياة التي فيها يربح بسهولة ويربح باستمتاع ويربح بإنجاز سريع، ولكن سُرعان ما تصبح هذه الحياة جحيم، لاسيما عندما تتراكم الديون عليه من كُل ناحية. تستطيع أن تتابع نفسك بنفسك لتعرف ما إذا كُنت على وشك الدخول في مرحلة الإدمان أم لا. يأتي هذا الاكتشاف عن طريق حسابك لعدد الساعات التي تقوم بقضائها في لعب ألعاب القمار إلى جانب عدم قدرتك على مواصلة يومك بدون أن تمارس ألعاب القمار. على الناحية الأخرى، يُمكنك أيضاً أن تتوجه إلى العديد من الاستبيانات المنشرة عبر الإنترنت والتي تقوم بتوجيهك ناحية اكتشاف ما إذا كُنت في مرحلة إدمان القمار أم لا. أنت تتمتع ببوصلة داخلية تستطيع من خلالها أن تعرف في أي مرحلة تتواجد.
في حال كُنت على وعي وإدراك بأنك مُدمن، فأنت على الأرجح تحتاج إلى مساعدة جادة وفورية. عليك أن تلجأ إلى الأخصائيين النفسيين حيث سيتمكنون من تخليصك من هذا الإدمان القهري. إما إذا كُنت لازالت على بر الأمان، فهنيئاً لك. احذر من إدمان القمار فهو لعين ويسلب منك ليس مالك فقط، بل يأخذ معه كُل شيء في الطريق.